اتعلم


كلما كان الحدث جللا ...

كلما ازداد انشغالا بتفاصيله العريضة

ودائما ما يفوتني ...

ان اتعلم الدرس

و مع الوقت اكتشفت .....

ان اتفه الاحداث ....

وادق التفاصيل


هي التي تعلمنا بحق

تعلمنا كيف نكون


ذلك الكائن المسمي ....

بشر



Friday, December 18

درجات الحافلة

صعدا سويا ....
صعدا ببطئ شديد ...فلم تستطع تحديد من منهما السبب في تأخير الاخر......
بل لقد كانت خطواتهم تمشي في تناغم وكأنهما يرقصان لا يصعدان سلم الحافلة
يخطوان علي نفس الدرجة لا تتسابق قدماهما.....
كانت تمسك يده باحكام و كأنها تخشي عليه ان يتعثر
و هو متعلق بها وكأنها امه التي يخشي ان يتوه عنها
بدا لها الزوج في كامل صحته ..... بينما بدت الزوجة من فستانها الفضفاض انها علي وشك الولادة
ومن بساطة الفستان تنبأت ببساطة حالهما
استوقفتها تلك اللقطات من الذي يجب عليه مد يد المساعدة للآخر؟؟
اليست هي الحامل التي تستحق كل الرعاية و الاهتمام والمساعدة؟
وهو الزوج القوي الذي يجب ان يحيط عائلته بالامان و الدعم
تأملت الموقف قليلا ... ثم قالت لنفسها لعله قد لوي كاحله مثلا ولا يستطيع الصعود من دون ان يتكئ علي احد
ااااه لله في خلقه شئون
نسيت امرهما لثوان فقد اتي دورها لدفع ثمن التذكرة للكمساري
ومع تحركه من امامها كان الاثنان قد استقرا علي مقربة
ولكن ازداد الوضع غرابة عندما جلس الزوج في آخر كرسي فارغ تبقي في الحافلة
بينما وقفت الزوجة ....
كادت تتميز من الغيظ ...
كيف له ان يفعل بها ذلك !!! انها حامل يا استاذ ... حااااامل
!!!فكرت انه لا امل من ان يقوم لها هذا الزوج الجاحد و يجلسها مكانه... يا لانانيته المبالغ فيها
كانت تعلم ان الطريق غير آمن والمطبات ستقابل عجلات الحافلة بما يفوق عدد اصابع اليدين والقدمين معا ...
وعليه قررت ان تنادي عليها وتترك لها كرسيها حتي تجلس وتريح اقدامها و ترحم طفلها مما قد يعرضه للخطر
في تلك اللحظة بالذات وقبل ان تنادي عليها كانت المرأة قد تحركت قليلا
فظهر وجهها لاول مرة منذ بدأت تراقبهما
تأملته ...
ابيض في بياض الثلج بعينان تميلان الي الحمره و حاجبان لا يكادان يظهران بسبب لونهما شبه الابيض
كانت
Albino
او "عدو الشمس" كما نسميهم
ملامحها لا تكاد تبين ولكن عيناها كانتا تشعان حبا
حبا لا يمكن قياسه ولا تصور مداه
تنظر لزوجها الجالس وكأنه ابنها ...
لم تترك المرأة يد زوجها منذ صعدا وهو مازال متعلقا بها ....
لم تتوقف لحظة ...
فقد كانت تربت علي كتفه
ثم تعدل له من وضع ياقة قميصه
ثم انتبهت ان الجاكيت عليه تراب فحاولت ان تنظفه قدر الامكان
وهو يبتسم
الجمتها تصرفات المرأة ...
لم تتمكن من التفسير ...
الا تعلم انها حامل ؟ وانه يجب عليها ان تستريح وان علي زوجها مراعاة ذلك
تلاقت اعينهما فجأة ... فتبادلا النظر
لا تعرف ماذا رأت المرأة في عينيها ...ولكنها ابتسمت ...
فابتسمت لها بدورها
ابتسمت علي الرغم من كل الغيظ الذي كانت تشعر به سابقا
وللمرة الثانية تري في عيونها الحب و كأن الحب كله لم يخلق سوي بداخل تلك المرأة و فقط .....
كانت تري الحب عبر عينيها و كأنه انعكاس لصورة من اصل قوي بداخلها ....
ظهر في عيناها ليغمر المحيط من حولهم
انتابها تناقض شديد بين التصرفات والنظرات وذلك الشعور الذي اجتاحها
تركت يده
فتحت شنطتها
اخرجت محفظة رجالي
دفعت ثمن تذكرتين لنفسها و لزوجها
افاقت علي صوت زوجها و هو يناديها بذعر
ويداه تتحركان في الهواء بصورة تقترب من الهستيرية
يا ايمان "
يا ايمان انتي فين
"ايدك فين يا ايمان
"انا هنا "
اعطته يدها فهدأ وابتسم واخذ يكلمها فتضحك
تحركت ... ذهبت اليها تدعوها لتجلس مكانها ....
فردت المرأة باعذب ابتسامه
"مش هينفع "
لم تستطع ان ترد عليها ....
وقفت تتأملها للمرة المليون في خلال لحظات معدودة
لاحظت انها مازالت تمسك بيده
ولكنها لاحظت شيئا ما لم تكن تراه
فقد كانت تحمل بيدها الاخري عصا
عصاه
عصاه التي يتوكأ عليها
عادت الي مكانها ولم تتوقف عيناها لا عن الدموع ولا عن اختلاس النظر اليهم طوال الطريق
وعندما وصلت لمكان نزولها
خطت علي تلك الدرجات وخرجت للشارع من الحافلة
وهي تعلم ان شيئا ما قد تغير بداخلها
للابد
مستوحي من موقف حدث بالفعل


هي
هو

No comments: